فأما ذكر الإيمان مجرداً فذلك جاء في قوله تبارك وتعالى: ((
وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ))[المائدة:5]، وقوله تعالى: ((
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ))[البقرة:143]، وقوله: ((
أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ ))[المجادلة:22]، وقوله أيضاً: ((
وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ))[الحجرات:7]، وقوله: ((
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ))[النحل:106]، وقوله تعالى: ((
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ ))[الحشر:9].فهذه النصوص جميعاً ذكر فيها الإيمان وحده، وهو هنا يدل على الدين كله، فإذاً: قوله تبارك وتعالى: ((
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ))[النحل:106] يعني مطمئن بالإسلام وبما شهد به وآمن به من هذا الدين، وقوله تعالى: ((
هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ ))[آل عمران:167] أي: الدين بمفهومه العام: الإسلام والإحسان والإيمان بمعناه الخاص، وكذلك بقية الآيات، فـ
الإيمان إذا ذكر مفرداً فإنه يدخل فيه العمل الصالح كله، ومراتب الدين كلها، كما جاء في آخر حديث جبريل: (
هذا جبريل آتاكم يعلمكم دينكم )، فديننا هو هذه الثلاث جميعاً، فيشمل الأعمال الظاهرة التي في جواب: (
أخبرني عن الإسلام ) والأعمال الباطنة التي في جواب: (
أخبرني عن الإيمان )، فأركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة، وما يتعلق بالإحسان -وهو العلو في هذه الدرجات- هي الدين، وقد قال الله تعالى: ((
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ))[آل عمران:85].وأما مثال مجيء الإيمان مفرداً في الأحاديث فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: (
وليس وراء ذلك مثقال حبة من إيمان ) وقوله أيضاً: (
يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من إيمان ) مثله قوله صلى الله عليه وسلم: (
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) هذه الحالة الأولى.